في سياق يتّسم بتصاعد الاحتقان داخل منظومة التمريض في المغرب، عاد ملف التعويضات المستحقة للممرضين وتقنيي الصحة بإقليم طاطا إلى دائرة الجدل، بعد إصدار المكتب الإقليمي للنقابة المستقلة للممرضين بياناً مستعجلاً يندّد فيه بما وصفه بـ"التماطل الممنهج" في صرف حقوق الأطر الصحية منذ أشهر، وما نتج عنه من انعكاسات مهنية واجتماعية أثقلت وضعية العاملين في مختلف المرافق الصحية بالإقليم.
يأتي هذا البلاغ في ظرفية دقيقة، يعرف فيها القطاع الصحي تحديات متعددة، تتعلق بالموارد البشرية، وظروف العمل، وتأخر المستحقات المالية التي تشكّل عنصر استقرار مهني ونفسي للممرضين وتقنيي الصحة.
---
مستحقات عالقة ووعود مؤجلة…
يشير البيان إلى أن عدداً من التعويضات ما تزال "عالقة دون مبرر"، ضمنها:
- تعويضات الحراسة
- تعويضات التنقل
- تعويضات الدراسة
- التعويضات الإلزامية لبرامج الصحة
ويؤكد البلاغ أن هذه الملفات تراكمت منذ أشهر، رغم المطالبات النقابية المتكررة، ورغم توقيع اتفاقات سابقة مع الإدارة الإقليمية للصحة.
يشدد المكتب الإقليمي على أن تأخر صرف هذه الحقوق ينعكس بشكل مباشر على الممرضين، خاصة في إقليم صحراوي واسع كالطاطا، حيث يتطلب العمل الصحي تنقلات متواصلة وظروفاً مهنية مرهقة، ما يجعل التعويضات جزءاً أساسياً من الدخل الشهري للأطر الصحية.
---
انتقادات حادة لسياسة التدبير الإقليمي
انتقدت النقابة ما وصفته بـ"سياسة التسويف والترقيع" التي أصبحت نهجاً لدى الإدارة الإقليمية للصحة بطاطا، معتبرة أن هذه المقاربة لم تعد قادرة على مواكبة حجم الملفات العالقة، ولا على تقديم إجابات عملية لتنفيذ الاتفاقات السابقة.
كما حمّلت النقابة المسؤولية للجهات المركزية كذلك، مطالبةً وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالتدخل العاجل لحل المشكل جذرياً، عبر:
- تسريع إرسال الاعتمادات المالية للمندوبية
- تمكين الممرضين من مستحقاتهم كاملة دون تجزيء
- وضع حد لتراكم المستحقات عبر اعتماد جدولة واضحة وملزمة
---
دعوة للاحتجاج وتحرك ميداني مرتقب
أعلن المكتب الإقليمي للنقابة المستقلة للممرضين عن تنظيم وقفة احتجاجية يوم السبت أمام المستشفى الإقليمي بطاطا، ابتداءً من الساعة الرابعة والنصف مساءً، وهي خطوة تراها النقابة ضرورية للضغط من أجل حل الملف نهائياً.
وأكد البلاغ أن باب الحوار ما يزال مفتوحاً، لكن استمرار التجاهل سيدفع الممرضين إلى خطوات نضالية أخرى، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة.
---
التمريض في المغرب… قطاع ينتظر إنصافاً
يعكس هذا البيان—ومعه العديد من التحركات المماثلة في جهات أخرى—حجم التحديات التي يعيشها قطاع التمريض في المغرب، حيث يشكّل الممرضون وتقنيو الصحة العمود الفقري للمؤسسات الاستشفائية.
ومع ذلك، ما يزال ملف التعويضات، والموارد البشرية، وظروف الاشتغال، في قلب النقاش الوطني حول إصلاح المنظومة الصحية، خصوصاً مع إطلاق الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية.
إن استمرار توتر الأطر الصحية، وتزايد الاحتجاجات، يؤشر على ضرورة مقاربة جديدة تُعيد الاعتبار للممرض، باعتباره الحلقة الأساسية في تقديم الخدمة الصحية للمواطنين.
---
خاتمة
يبدو أن ملف التعويضات في طاطا ليس معزولاً عن واقع عام يشكو منه الممرضون في مختلف أقاليم المغرب. وبين انتظارات الممرضين وبين بطء التدبير الإداري، تظل الحاجة ملحّة لإصلاح يضمن العدالة وتحسين جودة ظروف العمل داخل القطاع الصحي.
